(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
محاضرة بعنوان شكر النعم (2)
14265 مشاهدة
نعم الله التي أنزلها على العباد

وكذلك –أيضا- امتن على العباد بما أنزل عليهم؛ يقول الله تعالى: وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا لو أنه حبس عنا هذا المطر؛ لهلك من عليها؛ لأنه هو الذي يكون قوتهم أو تحيا به بلادهم: أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ؛ يُذكر عباده بذلك.

ويذكرهم –أيضا- بسائر نعمه؛ كما في قول الله تعالى: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ هذه النحل: الدواب الصغيرة؛ أخبر بأنه: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ وهو هذا العسل فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ .
وكذلك -أيضا- أخبر تعالى بتربية الإنسان وبخلقه له، يقول الله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ يعني: هو الذي خلقكم، وهو الذي يتوفاكم، وهو الذي وهبكم ما وهبكم به.
ويقول تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا جعل لكم الأزواج، أي: خلقها للبشر صنفين: ذكرا وأنثى، وجعل بينهم مودة ورحمة، جعل الذكر الرجل يميل إلى الأنثى، ثم إذا حصل بينهما هذا الازدواج حصلت بينهما المودة والرحمة، كل هذا من فضله -سبحانه وتعالى-.